- آلاف الوجبات الرمضانية تطوف شوارع القاهرة لإطعام الصائمين
-
محمد جمال مؤسس مطبخ الرحمن: هدفنا إطعام مليون صائم.. ونريد مشاركة الجميع وليس فقط التبرع
كتبت سارة العطار:
رمضان هو شهر الخير، لما فيه من روحانيات تبث في نفوس جميع البشر، لما تحمله نسمات الهواء من خير كثير، ويتسارع البشر لكي يجعلوا من أنفسهم أشخاص أفضل، ومن هنا تأتي الأعمال الخيرية كجزء لا يتجزأ من عظمة هذا الشهر.
شهر الخير
من المعتاد أن القيام بالأعمال الخيرية ليست مرتبطة بأي شهر، بل تكون في جميع شهور العام، وتبرز دور الجمعيات والمؤسسات الخيرية في أنشطتها المختلفة بشهر رمضان، لتوفير كل سبل الراحة والطعام إلى كل محتاج.
“سباق الخير”، هو سباق يشارك فيه كل أفراد المجتمع بشتى الأعمار لكي يتسابقوا على فعل الخير من خلال التبرع إلى بعض الجهات التطوعية أو الجمعيات الخيرية، لمساعدة كل محتاج وهو ما يدل على الفطرة السليمة لشعب مصر.
التبرع والزكاة في شهر رمضان الكريم شيء أساسي في حياة كل مواطن، ويعد أحب الشهور إلى الزكاة وتتنوع الطرق فقد تكون من خلال الطعام أو الشراب أو الملابس أو المال.
موائد الرحمن
ولأن شهر رمضان هو شهر الصيام، فتكون أكثر الأعمال الخيرية مرتبطة بالطعام لمساعدة إطعام الفقراء والمساكين والمحتاجين ومن لا يقدرون على شراء ثمن خبز، ومن هنا جاءت فكرة “موائد الرحمن”. وتوجد في كل منطقة ومحافظة، وقد يستخدمها من لا يسعفه الطريق في الوصول إلى منزله بسبب العمل أو ظروف أخرى، لذلك لم تعد تقتصر على الفقراء والمساكين.
تحت رعاية ابن طولون
بدأت موائد الرحمن في مصر منذ أكثر من 1100 عام تقريبا تحت رعاية أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية بمصر، والذي حرص على جمع التجار والأعيان والقادة على مائدة ليس الهدف منها الطعام فقط، ولكن لكي يذكر الناس بالبر والتقوى بينهم، وأن يشعر الفقير بالغني، وأن يفتحوا بيوتهم للفقراء والمحتاجين من خلال الموائد التي ستكون خلال الشهر الكريم بالكامل وليس ذلك اليوم فقط.
وتطور الأمر بعد ذلك في عصر الممالك من خلال رصد وزارة الأوقاف لأموال يتم بها شراء الطعام وتوزيعه على الفقراء، وذلك لكسب حب الشعب للمماليك والحكام، وهو ما يفعله الفنانون ورجال الأعمال أيضا، سواء للتكفير عن ذنوبهم أو بغرض الدعاية السياسية.
مطبخ الرحمن
ويستمر الخير في مصر حتى عامنا هذا، وهو ما حرصنا على رصده حيث تتعدد الجمعيات الخيرية التي تهدف لإطعام الناس، سواء التابعة للدولة أو التي تبنى على أشخاص فردية، كانوا خير نموذج لفعل الخير ومساعدة المحتاج، والحديث هنا عن “مطبخ الرحمن” الذي أسسه محمد جمال والشهير بصاعقة الخير في مصر. ومطبخ الرحمن يضم 5200 وجبة إفطار تطوف بأماكن كثيرة بالقاهرة محملة بباقة كبيرة من الخيرات، تنتقل العربيات بعد ذلك إلى أماكن كثيرة، مثل عين شمس وشبرا لكي تصل إلى الفقراء ودار الأيتام وكل من يريد الطعام.
مطبخ الرحمن هو عمل خيري للعام الخامس على التوالي، وتحديدا منذ رمضان 2020، ويستهدف من خلال القوافل صنع آلاف الوجبات الرمضانية لإفطار كل من هو محتاج. ويتواجد مقر مطبخ الرحمن بالتجمع الخامس وهو صدقة جارية من زوجة وأولاد المهندس حسن رشدان، عن روح والدهم، وذلك للعام الثاني على التوالي. وسعر الوجبة 75 جنيها وتتكون من: أرز بالشعرية ولسان عصفور أو مكرونة، خضار أو سلطة، ربع فرخة كبير، أو 200 جرام لحمة، تمر، وقد تدخل العصائر أيضا ضمن الوجبات.
وعندما ترى استعدادات جنود الخير بمطبخ الرحمن ستراه قائما على مسلمين ومسيحيين، كبار وصغار، رجال ونساء، أولاد وبنات، جميعهم يسعون إلى إطعام كل محتاج. ويخدم المطبخ أكثر من 25 منطقة تحت خط الفقر، وتبدأ الوجبات من 4000 وجبة وهو ما يكلف 300 ألف جنيه، وقد يصل الأمر إلى 6000 وجبة بسعر 450 ألف جنيه، ويسعى لأن يكبر العدد بعد ذلك إلى 10 آلاف وجبة يوميا.
جبر خاطر
ويرى صاعقة الخير بمصر أنه من خلال مطبخ الرحمن يريد إطعام مليون صائم، مع مراعاة أنه يجب أن تكون هناك شفافية في فعل الخير، وأن يشارك المتبرعون بأيديهم وأقدامهم، والحث على ذكر أسمائهم لكي يكون الأمر جبر خاطر لهم مثلما يجبرون خاطر المحتاجين أيضا. وأكد بأن تلك الشفافية كانت بابا لتوسيع المشروع الذي هدفه فيه كان الإنسان بمشاركة جميع الفئات العمرية من الكبار والصغار للمساعدة والمشاركة، وليس الأمر مقتصرا فقط على التبرع أو شراء المواد أو السلع.
وأوصى جمال بأنه يجب أن يتصدق الناس بصحتهم ووقتهم؛ لأن ذلك سينتهي عند وفاتهم، وكذلك الكلمة الطيبة والدعاء للغير، لأنه في كل الأحوال سيصل الخير إلى الناس، لكن الأهم أن يشارك الإنسان في فعل الخيرات بنفسه ووقته وصحته. واختتم بأن جميع القوافل تطوف لكل محافظات مصر، ويجب أن نكون قدوة، بغض النظر عن اللون والجنسية والشكل؛ لأن من يفعل خيرًا هؤلاء اختصهم لله.
صاعقة الخير
مؤسس هذا العمل الخيري هو محمد جمال بسيوني، الشهير بصاعقة الخير في مصر، والذي بدأ هذا الأمر منذ سنوات وتحديدا عندما غير حياته إلى عمل الخير عند تواجده بإسبانيا. محمد جمال، مهندس ولديه شركة مقاولات، وكان ملما بالسفر والموسيقى ومفتون بالدنيا، قبل أن يشعر بالممل من كل هذه الأشياء ويبدأ رحلته في التجارة مع الله، وسارع بفعل الخيرات لكي لا يكون الأمر مقتصرا على الصلاة والصيام.