أكل عيش.. برائحة القهوة!

  • السيارات المتنقلة تتحول إلى نواد اجتماعية وصداقات بطعم البنّ!
  • الشباب يتغلبون على الأزمات بمشروعات ترفيهية خارج الصندوق
  • كبار السنّ يدخلون المنافسة.. ومشاكل تراخيص الصحة والحي بسيطة
  • “مصطفى” من البطالة إلى مشروع حقيقي.. وزيادة إقبال العائلات

 

تقرير : زياد هشام

في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة جديدة في شوارع القاهرة، ومنها إلى جميع محافظات مصر؛ هذه الظاهرة هي “سيارة القهوة المتحركة” التي أحدثت فارقًا مختلفًا وملحوظًا في شكل التعايش والترفيه لجميع فئات الشعب بمختلف طبقاته؛ وانتشرت هذه الفكرة سريعًا لاجتماع جميع طبقات الشعب على حب القهوة، ومن هنا بدأت تظهر الفكرة على شكل مشروع شبابي سهل وبسيط في ظل الظروف الحياتية الصعبة التي يمرون بها؛ حيث يتكون المشروع من سيارة ملاكي مملوكة لشخص أو حتى دراجة نارية، ويقوم صاحب المشروع بتزويدها بجميع المعدات والعناصر المطلوبة لصنع القهوة، ثم يقوم باختيار موقع جيد ومناسب في الشارع بالقرب من حديقة، ويجب على صاحب المشروع عدم إزعاج السكان المحيطين به، وعدم إشغال الطريق أو تعطيله، حتى لا يضر العامة أو يغلق الطريق.

إقبال كبير

لاقت هذه الفكرة إقبالا كبيرا في الشارع  المصري، وتفاعلًا قويا من جميع الفئات العمرية والطبقية، حيث اجتمعت الأعمار المختلفة، ومن مناطق مختلفة حول سيارة القهوة؛ يقول (حسام) 25 عاما، يسكن في حي مصر الجديدة، إنه يذهب إلى سيارة قهوة في منطقة العباسية بشكل يومي، رغم بعدها عن منزله، وله العديد من الأصدقاء هناك يحب الجلوس معهم وشرب القهوة، ويفضلونها على الأماكن العامة والكافيهات والمطاعم، وهذا ينقل لنا التغيير الملحوظ في الفكر الترفيهي لدى الشباب.

وأشارت (جنة) 21 عامًا، تسكن بالقاهرة الجديدة، إلى أنها أيضا تذهب بشكل يومي إلى سيارة قهوة في ألماظة بمصر الجديدة لتقابل أصدقاءها وحبهم للمكان وجلوسهم في السيارات وشربهم للقهوة، بدلا من الذهاب للمولات والكافيهات والسينمات كما المعتاد.

برائحة البن!

وهنا يظهر فكر جديد وشبابي في طريقة إقامة مشروعات جديدة؛ فالمشروع ليس مقتصرًا على بيع القهوة فقط، بل إن هناك علاقة صداقة تنشأ بين صاحب المشروع والشباب على رائحة البن المميزة، وكذلك بين البائع والرواد المتفاعلين مع الفكرة، وتنمو العلاقات بين الشباب الذين يتجمعون في نفس المكان، مما ينشئ صداقات بينهم لتلاقي الأفكار والهوايات.

وعندما سألنا (مصطفى)، شاب 35 عامًا، قال إنه في البداية كانت الفكرة بسيطة، عندما كان يجتمع مع أصدقائه في هذا المكان لتمضية بعض الوقت، وهو عاطل، ومن هنا جاءت الفكرة أنه يأتي بسيارته البسيطة ويجهزها تجهيزا بسيطا لعمل عدد قليل من أكواب القهوة وتقديمها وبيعها للشباب المتواجدين في نفس المكان؛ ومن هنا بدأ الموضوع يتطور ويتطلب منه زيادة الموارد لتوفير عدد أكبرمن الإنتاج لتلاقي الناس وحبهم للفكرة.

ترخيص الصحة

ويواصل مصطفى: بدأت الفكرة الصغيرة تتحول إلى مشروع حقيقي، حتى أصبح يعتمد عليها كشاب عامل وليس عاطلا، مما دفعه إلى السعي وراء الإجراءات الحكومية لتوثيق عمله الحر، ونجح في الحصول على ترخيص من وزارة الصحة لضمان جودة مشروبه، وأيضا حصل على تصريح من الحي لعدم وقوعه تحت مسئولية قانونية لإشغال الطريق العام. وأشار (مصطفى) إلى أن الزبائن المترددين على المكان ليسوا من الشباب فقط، ولكن هناك الكثير من العائلات أيضا والرجال الكبار الذين يأتون خصيصا أحيانا من أماكن بعيدة لشرب القهوة والجلوس في سياراتهم والاستمتاع بالوقت والأغاني تفضيلا عن الجلوس في المقاهى العامة.

شغلانة بسيطة!

ولم تقتصر فكرة هذه المشروع على الشباب فقط؛ فعندما سألنا عم (عصام) 40 سنة، يسكن في حي بولاق، يملك سيارة قهوة يمركزها في محيط قصر البارون بمنطقة مصر الجديدة، عن سبب توجهه لهذه الفكرة والسعي لتنفيذها، فقال إنه يحب العمل الحر ووجد في هذه الفكرة حبه وتلاقيه مع القهوة ومع التعامل مع الناس، كما أنها شغلانة بسيطة لا تتطلب مجهودًا شاقًّا، ومشرفة في نفس الوقت.

وعندما سألناه عن المشاكل التي واجهته على أرض الواقع، قال: إن المشاكل لم تكن في الواقع كما نقول مشاكل، بل كانت بعضًا من الأمور البسيطة التي قمت بحلها بسرعة، وكل الأمر إزعاج بسيط، ولكن كانت هناك دائمًا طريقة سلسة في التفاهم مع السكان، ولم تحدث أي مشاكل.

أشكال مختلفة

كما شاهدنا أيضًا العديد من سيارات القهوة مختلفة الأشكال، فالبعض منها يكون عن طريق السيارة الملاكي الخاصة بالشخص صاحب المشروع، والبعض الآخر يقوم بصنع سيارات حديدية أو معدنية، أو حتى تكون خشبية، واستخدامها بطريقة الكرفان وجرها من مكان لآخر إذا تطلب الأمر، وتعددت أشكال المشروع وأصبحت هذه الفكرة قائمة في جميع شوارع  القاهرة، ومن ثم انتقلت إلى محافظات أخرى.

وتوصلنا إلى أن هذا المشروع ليس بمجرد فكرة شائعة وستنتهي مع الوقت، ولكنها فكرة قائمة، وتتطور بسرعة، ومن الممكن أن تتحول هذه السيارات إلى محلات.. ومن هنا طرحنا عدة أسئلة حول هذا الموضوع: هل نجاح الفكرة قائم على الشخص نفسه وجودة المشروب أم على المكان والأجواء المحيطة به؟ عندما سألنا الناس بمختلف أعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية نستطيع أن نتصور أن هذه الفكرة سيكون لها مستقبل ضخم، ويمكن أن يبدأ شباب آخرون بتقديم أشكال أخرى لهذه المشروعات، ولكننا نطرح سؤالا: كان في السابق أصحاب هذه المشروعات يطلق عليهم الباعة الجائلون، وكانوا دائمًا يحذرون منهم لعدم جودة منتجاتهم، وقلة نظافتها؛ ولكن اليوم بعد تطور أشكال الفكر والتعلم والثقافات، هل يمكن أن يقدم لنا إنتاجًا جديدًا وشكلًا جديدًا من تقديم المنتجات الغذائية عن طريق أشكال مختلفة وجديدة وسهلة، لتكون بديلًا لمنافذ البيع الرسمية أو المحلات الباهظة؟

عن admin

شاهد أيضاً

رمضان شهر الروحانيات وسباق الخير

آلاف الوجبات الرمضانية تطوف شوارع القاهرة لإطعام الصائمين محمد جمال مؤسس مطبخ الرحمن:  هدفنا إطعام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *